يشتهر العرب بحماسهم وعاطفيتهم؛ فسلامنا بالحضن والقُبل، وخطاباتنا بعلو الصوت، ونقاشاتنا بالفم والجسد!
لكن ألم نسأم من تلك النقاشات التي نخرج منها تمامًا كما دخلنا؟ مازالت آراءنا مترسخة ورأي الطرف الآخر خاطئ بلا نقاش؟ وذلك النقاش الذي درناه )سواء على مستوى شخصي أو عملي( أشبه بالخصام والتضارب منه للحوار؟ ألم نسأم من مقولة “اتفق العرب على ألا يتفقوا؟”
في هذه المقالة سنعرف كيف نجعل نقاشاتنا أكثر قيمة وأكثر تفاهمًا، وكيف نحوّل الخصام إلى حوار، وذلك في ثمانية نصائح:
1. قيّم مُحاورك:
قيّم شخصية المُحاور؛ هل عقله متفتح للنقاش أم أنه يبغي الخصام وفرض الرأي؟ ثقافته وعاداته؛ هل لديه ثقافة معينة أو مبادئ مؤثرة على رأيه في هذا النقاش؟ ومن ثمّ انظر لعلمه ومعلوماته: هل يتحدث من فراغ أو كما قال آباؤنا أم من حقائق وإثباتات؟ وأخيرًا قيّم الطريقة الأفضل لحواره من حيث المكان والزمان والأشخاص من حولكم؛ هل سيستمع أكثر على انفراد أم أمام الآخرين، أو إن كان الوقت مناسبًا لإبداء رأيك.
2. قيّم الموضوع:
هل موضوع النقاش ملفت من الأساس لك أم تبتغي المناقشة من باب المشاركة؟ هل لديك معلومات وحقائق في هذا الموضوع؟ هل الوقت مناسب لمناقشة هذا الموضوع في هذا المكان؟
3. اترك الباب مفتوحًا:
اجعل للنقاش مساحة آمنة لمشاركة الآراء بعيدًا عن الهجوم أو التنقيص أو الاستهزاء، كلما شعر مُحاورك بأن أراءه مسموعة ولم يُستهزأ بها، كلما كان على استعداد للإنصات إليك وليس الاستماع فحسب. لا تتوقع من مُحاورك أن يقتنع بحديثك بينما تحدّثه أنت لتقنعه بكلامك فقط دون الاستماع إليه، افتح عقلك للحوار فلا وجود لمنتصر وخاسر في نقاش قيّم ومفيد.
4. انتظر دورك:
من آداب الحديث ألا تقاطع المتحدث؛ قد يكون الأمر صعبًا خاصة إن كان النقاش ملتهبًا، ولكن لتستطيع أن تنصت جيّدا فأنت بحاجة لترك مُحاورك يُكمل فكرته. ما أن ينتهي تستطيع أن تبرز نقاط الاختلاف وتتحدث بانطلاق في دورك. ربّما من الضروري التنويه عن هذه النقطة قبل البدء بالحديث حتى يحترم هو أيضًا وقتك ودورك.
5. بين السطور:
راعي نبرة صوتك ولغة جسدك في الحوار، فالنبرة العالية (ولو كانت من فعل الحماس) تجعل النقاش عدوانيًّا وتشجع على المقاطعة، لأنها تعطي الشخص الآخر الانطباع أنك غير مستعد للإنصات. وكذلك لغة الجسد: من الجيّد أن تتحدث بيديك لتكتمل الصورة مع الكلام، ولكن بعض الإيماءات قد تدل على الخصام أو الإساءة؛ خاصة إن كنت تتحدث مع شخص ذو ثقافة مختلفة.
6. “ساندويتش” الذم:
لا تبدأ حديثك بالانتقاد لمُحاورك فورًا والتقليل منه ومن رأيه، بل حاول أن تتبع طريقة الساندويتش وهي (مدح ثم ذم ثم مدح) بمعنى؛ أن تنوّه أولًا على النقاط التي تتفق فيها معه، ثم تتحدث عن الاختلاف في الرأي سواء كان رأيا شخصيًّا أو مبني على حقائق، ثم تنهي حوارك بالمدح مجددًا ولو كان مدحًا للشغف أو المجهود. الهدف من هذه الطريقة هو أن تجعل مُحاورك يشعر بأنك تستمع إليه ولا تنوي الإساءة، إنما تحاول أن تريه رأيك حتى تفيد وتستفيد.
7. قدّر مُحاورك:
لا تقلل من شأن محاورك ومن شأن أفكاره والاستهزاء به ولو كان مزحًا، ولا تشخصن الفكرة بالتشبيه بشخص المُحاور ولو كان لإثبات فكرتك أو وجهة نظرك، لأنك حينها ستحول النقاش إلى خصام ودفاع عن النفس. ونتيجة لذلك، -حتى وإن كان كلامك مقنعًا- فذلك المُحاور لن يستسلم لأفكارك أو رأيك وسيعتبر اقتناعه به ضعف وخسارة، وهذا ليس الغرض من النقاشات.
8. اقرأ وتعلّم:
اقرأ عن أفضل الأساليب لإدارة النقاش وإقناع الشخص الآخر برأيك، وتابع الفيديوهات للخبراء المشهورين بقدرتهم على إدارة الحوار ونشر الفائدة دون هجوم أو تعدي على الآخرين.
في النهاية؛ النصيحة الأهم والمكررة في هذا المقال هي (حافظ على مشاعر من تناقش ولا تهاجمهم)، فالهجوم يحول النقاش لحرب، واكتفى العالم بالحروب.